الْحَمْدُ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ
اللّهُمّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ السّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَ
الْإِكْرَامِ، رَبّ الْأَرْبَابِ، وَ إِلَهَ كُلّ مَأْلُوهٍ، وَ خَالِقَ كُلّ
مَخْلُوقٍ، وَ وَارِثَ كُلّ شَيْءٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَ لَا
يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيْءٍ، وَ هُوَ بِكُلّ شَيْءٍ مُحِيطٌ، وَ هُوَ
عَلَى كُلّ شَيْءٍ رَقِيبٌ.
أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الْمُتَوَحّدُ الْفَرْدُ
الْمُتَفَرّدُ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الْكَرِيمُ الْمُتَكَرّمُ، الْعَظِيمُ
الْمُتَعَظّمُ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبّرُ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الْعَلِيّ الْمُتَعَالِ، الشّدِيدُ
الْمِحَالِ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الرّحْمَنُ الرّحِيمُ، الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ.
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، السّمِيعُ الْبَصِيرُ، الْقَدِيمُ
الْخَبِيرُ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الْكَرِيمُ الْأَكْرَمُ، الدّائِمُ
الْأَدْوَمُ،
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الْأَوّلُ قَبْلَ كُلّ أَحَدٍ، وَ
الْآخِرُ بَعْدَ كُلّ عَدَدٍ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الدّانِي فِي عُلُوّهِ، وَ الْعَالِي
فِي دُنُوّهِ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، ذُو الْبَهَاءِ وَ الْمَجْدِ، وَ
الْكِبْرِيَاءِ وَ الْحَمْدِ
وَ أَنْتَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، الّذِي أَنْشَأْتَ الْأَشْيَاءَ مِنْ
غَيْرِ سِنْخٍ، وَ صَوّرْتَ مَا صَوّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ، وَ ابْتَدَعْتَ
الْمُبْتَدَعَاتِ بِلَا احْتِذَاءٍ.
أَنْتَ الّذِي قَدّرْتَ كُلّ شَيْءٍ تَقْدِيراً، وَ يَسّرْتَ كُلّ شَيْءٍ
تَيْسِيراً، وَ دَبّرْتَ مَا دُونَكَ تَدْبِيراً
أَنْتَ الّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى خَلْقِكَ شَرِيكٌ، وَ لَمْ يُوَازِرْكَ فِي
أَمْرِكَ وَزِيرٌ، وَ لَمْ يَكُنْ لَكَ مُشَاهِدٌ وَ لَا نَظِيرٌ.
أَنْتَ الّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً مَا أَرَدْتَ، وَ قَضَيْتَ فَكَانَ
عَدْلًا مَا قَضَيْتَ، وَ حَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً مَا حَكَمْتَ.
أَنْتَ الّذِي لَا يَحْوِيكَ مَكَانٌ، وَ لَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ،
وَ لَمْ يُعْيِكَ بُرْهَانٌ وَ لَا بَيَانٌ.
أَنْتَ الّذِي أَحْصَيْتَ كُلّ شَيْءٍ عَدَداً، وَ جَعَلْتَ لِكُلّ شَيْءٍ
أَمَداً، وَ قَدّرْتَ كُلّ شَيْءٍ تَقْدِيراً.
أَنْتَ الّذِي قَصُرَتِ الْأَوْهَامُ عَنْ ذَاتِيّتِكَ، وَ عَجَزَتِ
الْأَفْهَامُ عَنْ كَيْفِيّتِكَ، وَ لَمْ تُدْرِكِ الْأَبْصَارُ مَوْضِعَ
أَيْنِيّتِكَ.
أَنْتَ الّذِي لَا تُحَدّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً، وَ لَمْ تُمَثّلْ فَتَكُونَ
مَوْجُوداً، وَ لَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً.
أَنْتَ الّذِي لَا ضِدّ مَعَكَ فَيُعَانِدَكَ، وَ لَا عِدْلَ لَكَ فَيُكَاثِرَكَ،
وَ لَا نِدّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ.
أَنْتَ الّذِي ابْتَدَأَ، وَ اخْتَرَعَ، وَ اسْتَحْدَثَ، وَ ابْتَدَعَ، وَ
أَحْسَنَ صُنْعَ مَا صَنَعَ.
سُبْحَانَكَ مَا أَجَلّ شَأْنَكَ، وَ أَسْنَى فِي الْأَمَاكِنِ مَكَانَكَ، وَ
أَصْدَعَ بِالْحَقّ فُرْقَانَكَ
سُبْحَانَكَ مِنْ لَطِيفٍ مَا أَلْطَفَكَ، وَ رَءُوفٍ مَا أَرْأَفَكَ، وَ حَكِيمٍ
مَا أَعْرَفَكَ
سُبْحَانَكَ مِنْ مَلِيكٍ مَا أَمْنَعَكَ، وَ جَوَادٍ مَا أَوْسَعَكَ، وَ رَفِيعٍ
مَا أَرْفَعَكَ ذُو الْبَهَاءِ وَ الْمَجْدِ وَ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْحَمْدِ.
سُبْحَانَكَ بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ، وَ عُرِفَتِ الْهِدَايَةُ مِنْ
عِنْدِكَ، فَمَنِ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ أَوْ دُنْيَا وَجَدَكَ
سُبْحَانَكَ خَضَعَ لَكَ مَنْ جَرَى فِي عِلْمِكَ، وَ خَشَعَ لِعَظَمَتِكَ مَا
دُونَ عَرْشِكَ، وَ انْقَادَ لِلتّسْلِيمِ لَكَ كُلّ خَلْقِكَ
سُبْحَانَكَ لَا تُحَسّ وَ لَا تُجَسّ وَ لَا تُمَسّ وَ لَا تُكَادُ وَ لَا
تُمَاطُ وَ لَا تُنَازَعُ وَ لَا تُجَارَى وَ لَا تُمَارَى وَ لَا تُخَادَعُ وَ
لَا تُمَاكَرُ
سُبْحَانَكَ سَبِيلُكَ جَدَدٌ. وَ أَمْرُكَ رَشَدٌ، وَ أَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ.
سُبْحَانَكَ قَولُكَ حُكْمٌ، وَ قَضَاؤُكَ حَتْمٌ، وَ إِرَادَتُكَ عَزْمٌ.
سُبْحَانَكَ لَا رَادّ لِمَشِيّتِكَ، وَ لَا مُبَدّلَ لِكَلِمَاتِكَ.
سُبْحَانَكَ بَاهِرَ الْآيَاتِ، فَاطِرَ السّمَاوَاتِ، بَارِئَ النّسَمَات
لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوَامِكَ
وَ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً بِنِعْمَتِكَ.
وَ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ
وَ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ.
وَ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلّ حَامِدٍ، وَ شُكْراً يَقْصُرُ عَنْهُ
شُكْرُ كُلّ شَاكِرٍ
حَمْداً لَا يَنْبَغِي إِلّا لَكَ، وَ لَا يُتَقَرّبُ بِهِ إِلّا إِلَيْكَ
حَمْداً يُسْتَدَامُ بِهِ الْأَوّلُ، وَ يُسْتَدْعَى بِهِ دَوَامُ الْآخِرِ.
حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ الْأَزْمِنَةِ، وَ يَتَزَايَدُ أَضْعَافاً
مُتَرَادِفَةً.
حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ إِحْصَائِهِ الْحَفَظَةُ، وَ يَزِيدُ عَلَى مَا أَحْصَتْهُ
فِي كِتَابِكَ الْكَتَبَةُ
حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ وَ يُعَادِلُ كُرْسِيّكَ الرّفِيعَ.
حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ، وَ يَسْتَغْرِقُ كُلّ جَزَاءٍ جَزَاؤُهُ
حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ، وَ بَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النّيّةِ
حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ، وَ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ
فَضْلَهُ
حَمْداً يُعَانُ مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ، وَ يُؤَيّدُ مَنْ أَغْرَقَ
نَزْعاً فِي تَوْفِيَتِهِ.
حَمْداً يَجْمَعُ مَا خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ، وَ يَنْتَظِمُ مَا أَنْتَ
خَالِقُهُ مِنْ بَعْدُ.
حَمْداً لَا حَمْدَ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِكَ مِنْهُ، وَ لَا أَحْمَدَ مِمّنْ
يَحْمَدُكَ بِهِ.
حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ، وَ تَصِلُهُ بِمَزِيدٍ
بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلًا مِنْكَ
حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ، وَ يُقَابِلُ عِزّ جَلَالِكَ.
رَبّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ، الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفَى
الْمُكَرّمِ الْمُقَرّبِ، أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ،
وَ بَارِكْ عَلَيْهِ أَتَمّ بَرَكَاتِكَ، وَ تَرَحّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ
رَحَمَاتِكَ.
رَبّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، صَلَاةً زَاكِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ
أَزْكَى مِنْهَا،
وَ صَلّ عَلَيْهِ صَلَاةً نَامِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ أَنْمَى مِنْهَا، وَ
صَلّ عَلَيْهِ صَلَاةً رَاضِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ فَوْقَهَا.
رَبّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، صَلَاةً تُرْضِيهِ وَ تَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ،
وَ صَلّ عَلَيْهِ صَلَاةً تُرْضِيكَ و تَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ لَهُ وَ صَلّ
عَلَيْهِ صَلَاةً لَا تَرْضَى لَهُ إِلّا بِهَا، وَ لَا تَرَى غَيْرَهُ لَهَا
أَهْلًا.
رَبّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ صَلَاةً تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ، وَ يَتّصِلُ
اتّصَالُهَا بِبَقَائِكَ، وَ لَا يَنْفَدُ كَمَا لَا تَنْفَدُ كَلِمَاتُكَ.
رَبّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، صَلَاةً تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ
وَ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ وَ أَهْلِ طَاعَتِكَ،
وَ تَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ مِنْ جِنّكَ وَ إِنْسِكَ وَ أَهْلِ
إِجَابَتِكَ، وَ تَجْتَمِعُ عَلَى صَلَاةِ كُلّ مَنْ ذَرَأْتَ وَ بَرَأْتَ مِنْ
أَصْنَافِ خَلْقِكَ.
رَبّ صَلّ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، صَلَاةً تُحِيطُ بِكُلّ صَلَاةٍ سَالِفَةٍ وَ
مُسْتَأْنَفَةٍ، وَ صَلّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ، صَلَاةً مَرْضِيّةً لَكَ وَ
لِمَنْ دُونَكَ،
وَ تُنْشِئُ مَعَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصّلَوَاتِ
عِنْدَهَا، وَ تَزِيدُهَا عَلَى كُرُورِ الْأَيّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ
لَا يَعُدّهَا غَيْرُكَ.
رَبّ صَلّ عَلَى أَطَايِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ،
وَ جَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وَ حَفَظَةَ دِينِكَ، وَ خُلَفَاءَكَ فِي
أَرْضِكَ،
وَ حُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وَ طَهّرْتَهُمْ مِنَ الرّجْسِ وَ الدّنَسِ
تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ، وَ جَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ، وَ
الْمَسْلَكَ إِلَى جَنّتِكَ
رَبّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ، صَلَاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا مِنْ نِحَلِكَ
وَ كَرَامَتِكَ، وَ تُكْمِلُ لَهُمُ الْأَشْيَاءَ مِنْ عَطَايَاكَ وَ
نَوَافِلِكَ، وَ تُوَفّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظّ مِنْ عَوَائِدِكَ وَ فَوَائِدِكَ.
رَبّ صَلّ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ صَلَاةً لَا أَمَدَ فِي أَوّلِهَا، وَ لَا
غَايَةَ لِأَمَدِهَا، وَ لَا نِهَايَةَ لِآخِرِهَا.
رَبّ صَلّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ عَرْشِكَ وَ مَا دُونَهُ، وَ مِلْءَ سَمَاوَاتِكَ
وَ مَا فَوْقَهُنّ، وَ عَدَدَ أَرَضِيكَ وَ مَا تَحْتَهُنّ وَ مَا بَيْنَهُنّ،
صَلَاةً تُقَرّبُهُمْ مِنْكَ زُلْفَى، وَ تَكُونُ لَكَ وَ لَهُمْ رِضًى، وَ
مُتّصِلَةً بِنَظَائِرِهِنّ أَبَداً.
اللّهُمّ إِنّكَ أَيّدْتَ دِينَكَ فِي كُلّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً
لِعِبَادِكَ، وَ مَنَاراً فِي بِلَادِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ
بِحَبْلِكَ، وَ جَعَلْتَهُ الذّرِيعَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ، وَ افْتَرَضْتَ
طَاعَتَهُ، وَ حَذّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَ أَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ،
وَ الِانْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَ أَلّا يَتَقَدّمَهُ مُتَقَدّمٌ، وَ لَا
يَتَأَخّرَ عَنْهُ مُتَأَخّرٌ فَهُوَ عِصْمَةُ اللّائِذِينَ، وَ كَهْفُ
الْمُؤْمِنِينَ وَ عُرْوَةُ الْمُتَمَسّكِينَ، وَ بَهَاءُ الْعَالَمِينَ.
اللّهُمّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيّكَ شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَ
أَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وَ آتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَ
افْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَ أَعِنْهُ بِرُكْنِكَ الْأَعَزّ، وَ اشْدُدْ
أَزْرَهُ، وَ قَوّ عَضُدَهُ، وَ رَاعِهِ بِعَيْنِكَ، وَ احْمِهِ بِحِفْظِكَ وَ
انْصُرْهُ بِمَلَائِكَتِكَ، وَ امْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الْأَغْلَبِ.
وَ أَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَ حُدُودَكَ وَ شَرَائِعَكَ وَ سُنَنَ رَسُولِكَ،
صَلَوَاتُكَ اللّهُمّ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ
الظّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، وَ اجْلُ بِهِ صَدَاءَ الْجَوْرِ عَنْ
طَرِيقَتِكَ، وَ أَبِنْ بِهِ الضّرّاءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وَ أَزِلْ بِهِ
النّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وَ امْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً
وَ أَلِنْ جَانِبَهُ لِأَوْلِيَائِكَ، وَ ابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَ
هَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ، وَ رَحْمَتَهُ وَ تَعَطّفَهُ وَ تَحَنّنَهُ، وَ
اجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وَ فِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وَ إِلَى
نُصْرَتِهِ وَ الْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وَ إِلَيْكَ وَ إِلَى
رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللّهُمّ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرّبِينَ.
اللّهُمّ وَ صَلّ عَلَى أَوْلِيَائِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمُ،
الْمُتّبِعِينَ مَنْهَجَهُمُ، الْمُقْتَفِينَ آثَارَهُمُ، الْمُسْتَمْسِكِينَ
بِعُرْوَتِهِمُ، الْمُتَمَسّكِينَ بِوِلَايَتِهِمُ، الْمُؤْتَمّينَ
بِإِمَامَتِهِمُ،
الْمُسَلّمِينَ لِأَمْرِهِمُ، الْمُجْتَهِدِينَ فِي طَاعَتِهِمُ،
الْمُنْتَظِرِينَ أَيّامَهُمُ، الْمَادّينَ إِلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمُ،
الصّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزّاكِيَاتِ النّامِيَاتِ الْغَادِيَاتِ
الرّائِحَاتِ.
وَ سَلّمْ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ، وَ اجْمَعْ عَلَى التّقْوَى
أَمْرَهُمْ، وَ أَصْلِحْ لَهُمْ شُئُونَهُمْ، وَ تُبْ عَلَيْهِمْ، إِنّكَ
أَنْتَ التّوّابُ الرّحِيمُ، وَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَ اجْعَلْنَا مَعَهُمْ
فِي دَارِ السّلَامِ بِرَحْمَتِكَ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.
اللّهُمّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ شَرّفْتَهُ وَ كَرّمْتَهُ وَ عَظّمْتَهُ،
نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ، وَ مَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ، وَ أَجْزَلْتَ فِيهِ
عَطِيّتَكَ، وَ تَفَضّلْتَ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ.
اللّهُمّ وَ أَنَا عَبْدُكَ الّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ وَ
بَعْدَ خَلْقِكَ إِيّاهُ، فَجَعَلْتَهُ مِمّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ، وَ
وَفّقْتَهُ لِحَقّكَ، وَ عَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ، وَ أَدْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ،
وَ أَرْشَدْتَهُ لِمُوَالَاةِ أَوْلِيَائِكَ، وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ.
ثُمّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ، وَ زَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَ
نَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، فَخَالَفَ أَمْرَكَ إِلَى نَهْيِكَ، لَا
مُعَانَدَةً لَكَ، وَ لَا اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ، بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إِلَى
مَا زَيّلْتَهُ وَ إِلَى مَا حَذّرْتَهُ،
وَ أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدُوّكَ وَ عَدُوّهُ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ
عَارِفاً بِوَعِيدِكَ، رَاجِياً لِعَفْوِكَ، وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ، وَ كَانَ
أَحَقّ عِبَادِكَ مَعَ مَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ أَلّا يَفْعَلَ.
وَ هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً ذَلِيلًا خَاضِعاً خَاشِعاً خَائِفاً،
مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ مِنَ الذّنُوبِ تَحَمّلْتُهُ، وَ جَلِيلٍ مِنَ
الْخَطَايَا اجْتَرَمْتُهُ،
مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ، لَائِذاً بِرَحْمَتِكَ، مُوقِناً أَنّهُ لَا
يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ، وَ لَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ.
فَعُدْ عَلَيّ بِمَا تَعُودُ بِهِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمّدِكَ، وَ
جُدْ عَلَيّ بِمَا تَجُودُ بِهِ عَلَى مَنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ
عَفْوِكَ،
وَ امْنُنْ عَلَيّ بِمَا لَا يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنّ بِهِ عَلَى مَنْ
أَمّلَكَ مِنْ غُفْرَانِكَ،
وَ اجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنَالُ بِهِ حَظّاً مِنْ
رِضْوَانِكَ، وَ لَا تَرُدّنِي صِفْراً مِمّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبّدُونَ
لَكَ مِنْ عِبَادِكَ
وَ إِنّي وَ إِنْ لَمْ أُقَدّمْ مَا قَدّمُوهُ مِنَ الصّالِحَاتِ فَقَدْ قَدّمْتُ
تَوْحِيدَكَ وَ نَفْيَ الْأَضْدَادِ وَ الْأَنْدَادِ وَ الْأَشْبَاهِ عَنْكَ،
وَ أَتَيْتُكَ مِنَ الْأَبْوَابِ الّتِي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتَى مِنْهَا، وَ
تَقَرّبْتُ إِلَيْكَ بِمَا لَا يَقْرُبُ أَحَدٌ مِنْكَ إِلّا بالتّقَرّبِ بِهِ.
ثُمّ أَتْبَعْتُ ذَلِكَ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْكَ، وَ التّذَلّلِ وَ
الِاسْتِكَانَةِ لَكَ، وَ حُسْنِ الظّنّ بِكَ، وَ الثّقَةِ بِمَا عِنْدَكَ، وَ
شَفَعْتُهُ بِرَجَائِكَ الّذِي قَلّ مَا يَخِيبُ عَلَيْهِ رَاجِيكَ.
وَ سَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الْحَقِيرِ الذّلِيلِ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ الْخَائِفِ
الْمُسْتَجِيرِ، وَ مَعَ ذَلِكَ خِيفَةً وَ تَضَرّعاً وَ تَعَوّذاً وَ
تَلَوّذاً،
لَا مُسْتَطِيلًا بِتَكَبّرِ الْمُتَكَبّرِينَ، وَ لَا مُتَعَالِياً بِدَالّةِ
الْمُطِيعِينَ، وَ لَا مُسْتَطِيلًا بِشَفَاعَةِ الشّافِعِينَ.
وَ أَنَا بَعْدُ أَقَلّ الْأَقَلّينَ، وَ أَذَلّ الْأَذَلّينَ، وَ مِثْلُ
الذّرّةِ أَوْ دُونَهَا، فَيَا مَنْ لَمْ يُعَاجِلِ الْمُسِيئِينَ، وَ لَا
يَنْدَهُ الْمُتْرَفِينَ، وَ يَا مَنْ يَمُنّ بِإِقَالَةِ الْعَاثِرِينَ، وَ
يَتَفَضّلُ بِإِنْظَارِ الْخَاطِئِينَ.
أَنَا الْمُسِيءُ الْمُعْتَرِفُ الْخَاطِئُ الْعَاثِرُ.
أَنَا الّذِي أَقْدَمَ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً.
أَنَا الّذِي عَصَاكَ مُتَعَمّداً.
أَنَا الّذِي اسْتَخْفَى مِنْ عِبَادِكَ وَ بَارَزَكَ.
أَنَا الّذِي هَابَ عِبَادَكَ وَ أَمِنَكَ.
أَنَا الّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ، وَ لَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ.
أَنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ
أَنَا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِيّتِهِ.
أَنَا القَلِيلُ الْحَيَاءِ.
أَنَا الطّوِيلُ الْعَنَاءِ.
بِحَقّ مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَ بِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ،
بِحَقّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيّتِكَ، وَ مَنِ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ،
بِحَقّ مَنْ وَصَلْتَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ،
وَ مَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ، بِحَقّ مَنْ قَرَنْتَ
مُوَالَاتَهُ بِمُوَالَاتِكَ، وَ مَنْ نُطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَاتِكَ،
تَغَمّدْنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِمَا تَتَغَمّدُ بِهِ مَنْ جَارَ إِلَيْكَ
مُتَنَصّلًا، وَ عَاذَ بِاسْتِغْفَارِكَ تَائِباً.
وَ تَوَلّنِي بِمَا تَتَوَلّى بِهِ أَهْلَ طَاعَتِكَ وَ الزّلْفَى لَدَيْكَ وَ
الْمَكَانَةِ مِنْكَ.
وَ تَوَحّدْنِي بِمَا تَتَوَحّدُ بِهِ مَنْ وَفَى بِعَهْدِكَ، وَ أَتْعَبَ
نَفْسَهُ فِي ذَاتِكَ، وَ أَجْهَدَهَا فِي مَرْضَاتِكَ.
وَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ، وَ تَعَدّي طَوْرِي فِي
حُدُودِكَ، وَ مُجَاوَزَةِ أَحْكَامِكَ.
وَ لَا تَسْتَدْرِجْنِي بِإِمْلَائِكَ لِي اسْتِدْرَاجَ مَنْ مَنَعَنِي خَيْرَ
مَا عِنْدَهُ وَ لَمْ يَشْرَكْكَ فِي حُلُولِ نِعْمَتِهِ بِي.
وَ نَبّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْغَافِلِينَ، وَ سِنَةِ الْمُسْرِفِينَ، وَ
نَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ
وَ خُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الْقَانِتِينَ، وَ اسْتَعْبَدْتَ
بِهِ الْمُتَعَبّدِينَ، وَ اسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهَاوِنِينَ.
وَ أَعِذْنِي مِمّا يُبَاعِدُنِي عَنْكَ، وَ يَحُولُ بَيْنِي وَ بَيْنَ حَظّي
مِنْكَ، وَ يَصُدّنِي عَمّا أُحَاوِلُ لَدَيْكَ
وَ سَهّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْرَاتِ إِلَيْكَ، وَ الْمُسَابَقَةَ إِلَيْهَا
مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَ، وَ الْمُشَاحّةَ فِيهَا عَلَى مَا أَرَدْتَ.
وَ لَا تَمْحَقْنِي فِيمَن تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفّينَ بِمَا أَوْعَدْت
وَ لَا تُهْلِكْنِي مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرّضِينَ لِمَقْتِكَ
وَ لَا تُتَبّرْنِي فِيمَنْ تُتَبّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ سُبُلِكَ
وَ نَجّنِي مِنْ غَمَرَاتِ الْفِتْنَةِ، وَ خَلّصْنِي مِنْ لَهَوَاتِ الْبَلْوَى،
وَ أَجِرْنِي مِنْ أَخْذِ الْإِمْلَاءِ.
وَ حُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلّنِي، وَ هَوًى يُوبِقُنِي، وَ
مَنْقَصَةٍ تَرْهَقُنِي
وَ لَا تُعْرِضْ عَنّي إِعْرَاضَ مَنْ لَا تَرْضَى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ
وَ لَا تُؤْيِسْنِي مِنَ الْأَمَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيّ الْقُنُوطُ مِنْ
رَحْمَتِكَ
وَ لَا تَمْنَحْنِي بِمَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ فَتَبْهَظَنِي مِمّا
تُحَمّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبّتِكَ.
وَ لَا تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إِرْسَالَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَ لَا حَاجَةَ
بِكَ إِلَيْهِ، وَ لَا إِنَابَةَ لَهُ
وَ لَا تَرْمِ بِي رَمْيَ مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ رِعَايَتِكَ، وَ مَنِ
اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ، بَلْ خُذْ بِيَدِي مِنْ سَقْطَةِ
الْمُتَرَدّينَ، وَ وَهْلَةِ الْمُتَعَسّفِينَ، وَ زَلّةِ الْمَغْرُورِينَ، وَ
وَرْطَةِ الْهَالِكِينَ.
وَ عَافِنِي مِمّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقَاتِ عَبِيدِكَ وَ إِمَائِكَ، وَ
بَلّغْنِي مَبَالِغَ مَنْ عُنِيتَ بِهِ، وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَ رَضِيتَ
عَنْهُ، فَأَعَشْتَهُ حَمِيداً، وَ تَوَفّيْتَهُ سَعِيداً
وَ طَوّقْنِي طَوْقَ الْإِقْلَاعِ عَمّا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ، وَ يَذْهَبُ
بِالْبَرَكَات
وَ أَشْعِرْ قَلْبِيَ الِازْدِجَارَ عَنْ قَبَائِحِ السّيّئَاتِ، وَ فَوَاضِحِ
الْحَوْبَاتِ.
وَ لَا تَشْغَلْنِي بِمَا لَا أُدْرِكُهُ إِلّا بِكَ عَمّا لَا يُرْضِيكَ عَنّي
غَيْرُهُ
وَ انْزِعْ مِنْ قَلْبِي حُبّ دُنْيَا دَنِيّةٍ تَنْهَى عَمّا عِنْدَكَ، وَ
تَصُدّ عَنِ ابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ، وَ تُذْهِلُ عَنِ التّقَرّبِ
مِنْكَ.
وَ زَيّنْ لِيَ التّفَرّدَ بِمُنَاجَاتِكَ بِاللّيْلِ وَ النّهَارِ
وَ هَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ، وَ تَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ
مَحَارِمِكَ، وَ تَفُكّنِي مِنْ أَسْرِ الْعَظَائِمِ.
وَ هَبْ لِيَ التّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيَانِ، وَ أَذْهِبْ عَنّي دَرَنَ
الْخَطَايَا، وَ سَرْبِلْنِي بِسِرْبَالِ عَافِيَتِكَ، وَ رَدّنِي رِدَاءَ
مُعَافَاتِكَ، وَ جَلّلْنِي سَوَابِغَ نَعْمَائِكَ، وَ ظَاهِرْ لَدَيّ فَضْلَكَ
وَ طَوْلَكَ
وَ أَيّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وَ تَسْدِيدِكَ، وَ أَعِنّي عَلَى صَالِحِ النّيّةِ،
وَ مَرْضِيّ الْقَوْلِ، وَ مُسْتَحْسَنِ الْعَمَلِ، وَ لَا تَكِلْنِي إِلَى
حَوْلِي وَ قُوّتِي دُونَ حَوْلِكَ وَ قُوّتِكَ.
وَ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقَائِكَ، وَ لَا تَفْضَحْنِي بَيْنَ
يَدَيْ أَوْلِيَائِكَ، وَ لَا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ، وَ لَا تُذْهِبْ عَنّي
شُكْرَكَ، بَلْ أَلْزِمْنِيهِ فِي أَحْوَالِ السّهْوِ عِنْدَ غَفَلَاتِ
الْجَاهِلِينَ لِآلْائِكَ، وَ أَوْزِعْنِي أَنْ أُثْنِيَ بِمَا
أَوْلَيْتَنِيهِ، وَ أَعْتَرِفَ بِمَا أَسْدَيْتَهُ إِلَيّ.
وَ اجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرّاغِبِينَ، وَ حَمْدِي إِيّاكَ
فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ
وَ لَا تَخْذُلْنِي عِنْدَ فَاقَتِي إِلَيْكَ، وَ لَا تُهْلِكْنِي بِمَا.
أَسْدَيْتُهُ إِلَيْكَ، وَ لَا تَجْبَهْنِي بِمَا جَبَهْتَ بِهِ
الْمُعَانِدِينَ لَكَ، فَإِنّي لَكَ مُسَلّمٌ، أَعْلَمُ أَنّ الْحُجّةَ لَكَ،
وَ أَنّكَ أَوْلَى بِالْفَضْلِ،
وَ أَعْوَدُ بِالْإِحْسَانِ، وَ أَهْلُ التّقْوَى، وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ،
وَ أَنّكَ بِأَنْ تَعْفُوَ أَوْلَى مِنْكَ بِأَنْ تُعَاقِبَ، وَ أَنّكَ بِأَنْ
تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ إِلَى أَنْ تَشْهَرَ.
فَأَحْيِنِي حَيَاةً طَيّبَةً تَنْتَظِمُ بِمَا أُرِيدُ، وَ تَبْلُغُ مَا أُحِبّ
مِنْ حَيْثُ لَا آتِي مَا تَكْرَهُ، وَ لَا أَرْتَكِبُ مَا نَهَيْتَ عَنْهُ، وَ
أَمِتْنِي مِيتَةَ مَنْ يَسْعَى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ.
وَ ذَلّلْنِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَ أَعِزّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ، وَ ضَعْنِي إِذَا
خَلَوْتُ بِكَ، وَ ارْفَعْنِي بَيْنَ عِبَادِكَ، وَ أَغْنِنِي عَمّنْ هُوَ
غَنِيٌّ عَنّي، وَ زِدْنِي إِلَيْكَ فَاقَةً وَ فَقْراً.
وَ أَعِذْنِي مِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، وَ مِنْ حُلُولِ الْبَلَاءِ، وَ مِنَ
الذّلّ وَ الْعَنَاءِ، تَغَمّدْنِي فِيمَا اطّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي بِمَا
يَتَغَمّدُ بِهِ الْقَادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَوْ لَا حِلْمُهُ، وَ الْآخِذُ
عَلَى الْجَرِيرَةِ لَوْ لَا أَنَاتُهُ
وَ إِذَا أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً أَوْ سُوءاً فَنَجّنِي مِنْهَا لِوَاذاً
بِكَ، وَ إِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقَامَ فَضِيحَةٍ فِي دُنْيَاكَ فَلَا تُقِمْنِي
مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ
وَ اشْفَعْ لِي أَوَائِلَ مِنَنِكَ بِأَوَاخِرِهَا، وَ قَدِيمَ فَوَائِدِكَ
بِحَوَادِثِهَا، وَ لَا تَمْدُدْ لِي مَدّاً يَقْسُو مَعَهُ قَلْبِي، وَ لَا
تَقْرَعْنِي قَارِعَةً يَذْهَبُ لَهَا بَهَائِي، وَ لَا تَسُمْنِي خَسِيسَةً
يَصْغُرُ لَهَا قَدْرِي وَ لَا نَقِيصَةً يُجْهَلُ مِنْ أَجْلِهَا مَكَانِي.
وَ لَا تَرُعْنِي رَوْعَةً أُبْلِسُ بِهَا، وَ لَا خِيفَةً أُوجِسُ دُونَهَا،
اجْعَلْ هَيْبَتِي فِي وَعِيدِكَ، وَ حَذَرِي مِنْ إِعْذَارِكَ وَ إِنْذَارِكَ،
وَ رَهْبَتِي عِنْد تِلَاوَةِ آيَاتِكَ.
وَ اعْمُرْ لَيْلِي بِإِيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ، وَ تَفَرّدِي بِالتّهَجّدِ
لَكَ، وَ تَجَرّدِي بِسُكُونِي إِلَيْكَ، وَ إِنْزَالِ حَوَائِجِي بِكَ، وَ
مُنَازَلَتِي إِيّاكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنْ نَارِكَ، وَ إِجَارَتِي مِمّا
فِيهِ أَهْلُهَا مِنْ عَذَابِكَ.
وَ لَا تَذَرْنِي فِي طُغْيَانِي عَامِهاً، وَ لَا فِي غَمْرَتِي سَاهِياً حَتّى
حِينٍ، وَ لَا تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتّعَظَ، وَ لَا نَكَالًا لِمَنِ
اعْتَبَرَ، وَ لَا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ، وَ لَا تَمْكُرْ بِي فِيمَنْ
تَمْكُرُ بِهِ،
وَ لَا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي، وَ لَا تُغَيّرْ لِي اسْماً، وَ لَا
تُبَدّلْ لِي جِسْماً، وَ لَا تَتّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ، وَ لَا
سُخْرِيّاً لَكَ، وَ لَا تَبَعاً إِلّا لِمَرْضَاتِكَ، وَ لَا مُمْتَهَناً
إِلّا بِالِانْتِقَامِ لَكَ.
وَ أَوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ، وَ حَلَاوَةَ رَحْمَتِكَ وَ رَوْحِكَ وَ
رَيْحَانِكَ، وَ جَنّةِ نَعِيمِكَ، وَ أَذِقْنِي طَعْمَ الْفَرَاغِ لِمَا
تُحِبّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِكَ، وَ الِاجْتِهَادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وَ
عِنْدَكَ، وَ أَتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحَفَاتِكَ.
وَ اجْعَلْ تِجَارَتِي رَابِحَةً، وَ كَرّتِي غَيْرَ خَاسِرَةٍ، وَ أَخِفْنِي
مَقَامَكَ، وَ شَوّقْنِي لِقَاءَكَ، وَ تُبْ عَلَيّ تَوْبَةً نَصُوحاً لَا
تُبْقِ مَعَهَا ذُنُوباً صَغِيرَةً وَ لَا كَبِيرَةً، وَ لَا تَذَرْ مَعَهَا
عَلَانِيَةً وَ لَا سَرِيرَةً.
وَ انْزِعِ الْغِلّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ، وَ اعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى
الْخَاشِعِينَ، وَ كُنْ لِي كَمَا تَكُونُ لِلصّالِحِينَ، وَ حَلّنِي حِلْيَةَ
الْمُتّقِينَ،
وَ اجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْغَابِرِينَ، وَ ذِكْراً نَامِياً فِي
الْآخِرِينَ، وَ وَافِ بِي عَرْصَةَ الْأَوّلِينَ.
وَ تَمّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ، عَلَيّ، وَ ظَاهِرْ كَرَامَاتِهَا لَدَيّ،
امْلَأْ مِنْ فَوَائِدِكَ يَدِي، وَ سُقْ كَرَائِمَ مَوَاهِبِكَ إِلَيّ، وَ
جَاوِرْ بِيَ الْأَطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ فِي الْجِنَانِ الّتِي
زَيّنْتَهَا لِأَصْفِيَائِكَ، وَ جَلّلْنِي شَرَائِفَ نِحَلِكَ فِي
الْمَقَامَاتِ الْمُعَدّةِ لِأَحِبّائِكَ.
وَ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ مَقِيلًا آوِي إِلَيْهِ مُطْمَئِنّاً، وَ مَثَابَةً
أَتَبَوّؤُهَا، وَ أَقَرّ عَيْناً، وَ لَا تُقَايِسْنِي بِعَظِيمَاتِ
الْجَرَائِرِ، وَ لَا تُهْلِكْنِي يَوْمَ تُبْلَى السّرَائِرُ،
وَ أَزِلْ عَنّي كُلّ شَكٍّ وَ شُبْهَةٍ، وَ اجْعَلْ لِي فِي الْحَقّ
طَرِيقاً مِنْ كُلّ رَحْمَةٍ، وَ أَجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَوَاهِبِ مِنْ
نَوَالِكَ، وَ وَفّرْ عَلَيّ حُظُوظَ الْإِحْسَانِ مِنْ إِفْضَالِكَ.
وَ اجْعَلْ قَلْبِي وَاثِقاً بِمَا عِنْدَكَ، وَ هَمّي مُسْتَفْرَغاً لِمَا هُوَ
لَكَ، وَ اسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْتَعْمِلُ بِهِ خَالِصَتَكَ،
وَ أَشْرِبْ قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقُولِ طَاعَتَكَ، وَ اجْمَعْ لِيَ
الْغِنَى وَ الْعَفَافَ وَ الدّعَةَ وَ الْمُعَافَاةَ وَ الصّحّةَ وَ السّعَةَ
وَ الطّمَأْنِينَةَ وَ الْعَافِيَةَ.
وَ لَا تُحْبِطْ حَسَنَاتِي بِمَا يَشُوبُهَا مِنْ مَعْصِيَتِكَ، وَ لَا
خَلَوَاتِي بِمَا يَعْرِضُ لِي مِنْ نَزَغَاتِ فِتْنَتِكَ، وَ صُنْ وَجْهِي
عَنِ الطّلَبِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَ ذُبّنِي عَنِ الْتِمَاسِ
مَا عِنْدَ الْفَاسِقِينَ.
وَ لَا تَجْعَلْنِي لِلظّالِمِينَ ظَهِيراً، وَ لَا لَهُمْ عَلَى مَحْوِ
كِتَابِكَ يَداً وَ نَصِيراً، وَ حُطْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَعْلَمُ حِيَاطَةً
تَقِينِي بِهَا، وَ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ وَ رَحْمَتِكَ وَ
رَأْفَتِكَ وَ رِزْقِكَ الْوَاسِعِ، إِنّي إِلَيْكَ مِنَ الرّاغِبِينَ، وَ
أَتْمِمْ لِي إِنْعَامَكَ، إِنّكَ خَيْرُ الْمُنْعِمِينَ
وَ اجْعَلْ بَاقِيَ عُمُرِي فِي الْحَجّ وَ الْعُمْرَةِ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، يَا
رَبّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلّى اللّهُ عَلَى مُحَمّدٍ وَ آلِهِ الطّيّبِينَ
الطّاهِرِينَ، وَ السّلَامُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَبَدَ الْآبِدِينَ.